19 - 07 - 2024

مؤشرات | مخطط إخفاء جرائم الإبادة في غزة بتفكيك "الأونروا"

مؤشرات | مخطط إخفاء جرائم الإبادة في غزة بتفكيك

بالتوازي مع حرب الإبادة التي تخوضها الصهيونية بدعم أمريكي كبير في الأراضي الفلسطينية وبتدمير مختلف المرافق، بما فيها المرافق الطبية والخدمات العامة، وآخرها حالة الدمار التي خلفها العدوان الصهيوني على مستشفى الشفاء، وهو أهم مرفق طبي، بالتوازي مع ذلك تخوض حكومة الإرهابي نتنياهو حربًا أخرى مع الأمم المتحدة.

وتتمثل هذه الحرب في محاولات مستميتة لتفكيك وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في قطاع غزة، وآخر ذلك إعلان المتحدث باسم حكومة الاحتلال "ديفيد مينس"، أن إسرائيل ستتوقف عن العمل مع (أونروا)، تحت تهمة مشاركة الوكالة التابعة للأمم المتحدة بإطالة أمد الصراع.

المخطط الخطير ضد أهم وكالة مساعدة وداعمة للشعب الفلسطيني، يتخذ العديد من المحاور، ومنها ما تم نشره بشأن قيام إسرائيل بتقديم اقتراح للأمم المتحدة بتفكيك وكالة (الأونروا)، ونقل موظفيها إلى وكالة بديلة لتوصيل المواد الغذائية على نطاق واسع إلى غزة.

المعلومات التي نشرتها صحيفة الجارديان البريطانية ، تشير إلى أن الاقتراح قدمه رئيس أركان جيش الاحتلال، "هرتسي هاليفي"، في الأسبوع الأخير من مارس الماضي، إلى مسؤولي الأمم المتحدة في إسرائيل، الذين أحالوه إلى الأمين العام للمنظمة، أنطونيو جوتيريش.

الغريب في الأمر أن العدو الصهيوني المحتل، اتخذ موقفًا عدائيًا مسبقا من "الأونروا"، فلم يتم مناقشة الوكالة الدولية في أي شيء ، بل من الواضح أنها لم تشارك في أي اجتماعات، استنادًا لمزاعم من الجيش الصهيوني، أن عدد من موظفيها ينتمون لحركة حماس والجهاد الإسلامي، وشاركوا في عملية طوفان الأقصى التي هزت كيان الإحتلال يوم 7 أكتوبر 2023، ورغم عدم وجود إثبات لتلك المزاعم، يظل المحتل الصهيوني مصرًا على موقفه.

ومن أخطر مواقف الإحتلال الصهيوني، اتهام الأمم المتحدة بعدم قدرتها على القيام بإدخال المساعدات إلى غزة، بل يصر الإحتلال على اتهام وكالة "الأونروا"، بأنها العامل المقيد لأي خطوات لمساعدة سكان غزة.

ومن الواضح أن القوات الصهيونية تريد إخفاء كل جرائم ما تقوم به من عمليات إبادة بشرية ومادية لكل مرافق الحياة والمشافي، والخدمات العامة، وتدمير الأراضي الزراعية، خصوصًا، أن "الأونروا" من المؤسسات الدولية والإقليمية التي كشفت جرائم قوات الإحتلال في حرب الإبادة التي ترتكبها في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي وحتى الآن، ودعت العالم للقيام بدوره لوقف هذا العدوان، وهو ما لم ترغب فيه الصهيونية، لتظل جرائمها في الخفاء.

وجريمة تفكيك الأونروا، تستهدف بداية نقل 300 إلى 400 موظف في الأونروا إما إلى وكالة أخرى تابعة للأمم المتحدة، مثل برنامج الغذاء العالمي، أو إلى منظمة جديدة تم إنشاؤها خصيصًا لتوزيع المساعدات الغذائية في غزة، على أن يتم نقل المزيد من الموظفين في مراحل لاحقة، ونقل أصولها أيضا، وفق مخطط خبيث لتصفية أهم منظمة دولية تعمل في الأراضي المحتلة منذ تأسست في 8 ديسمبر 1949، أي من ما يقرب من 75 عامًا، حيث من المقرر أن تحتفل وكالة الأونروا بعيدها الماسي في ديسمبر المقبل، وهي التي بدأت نشاطها في 1950.

ولاشك أن المخطط الصهيوني يأتي ضمن منهج لتقويض أي جهود لوقف الحرب على غزة، والتصدي للمجاعة التي تحولت إلى سمة عامة في القطاع، كما أن الخطة الإسرائيلية هي محاولة لشيطنة الأمم المتحدة وتصويرها بأنها غير راغبة في التعاون لمواجهة مجاعة واسعة في غزة، والتي حذرت منها المنظمات الإنسانية.

وتعمل قوات الإحتلال الصهيوني على تفريغ أي جهود وقرارات تكشف حقائق جرائم المحتل، ومنها ما أمرت به محكمة العدل الدولية، بإتخاذ حكومة الإحتلال كل الإجراءات الضرورية والفعالة لضمان توصيل المساعدات على نطاق واسع إلى غزة بالتعاون الكامل مع الأمم المتحدة، في ظل الإبادة الجماعية التي يتم ارتكابها بحق الفلسطينيين.

ولا يمكن وصف ما تقوم إسرائيل تجاه وكالة الأونروا، إلا بأنه حملة مخطط لها بشكل شيطاني لتدميرها، بل تريد أن تدفع بالأمم المتحدة للتورط في مخططها بتدمير "الأونروا" ليظهر وكأن التفكيك ثم التدمير جاء بغطاء وربما بقرار دولي.

ويبقى السؤال المهم ما هي تلك المنظمة الجديدة التي تستطيع أن تحل محل "الأونروا" ومنشآتها والتي تشكلت على مدى 75 عاما، وهي أكبر منظمة مساعدات في غزة وكانت تضم 13 ألف موظف مع اندلاع حرب الإبادة، بينهم 3000 مازالوا يقومون بعملهم، مع عشرات الآلاف غيرهم في جميع أنحاء الضفة الغربية وأماكن أخرى في الشرق الأوسط، ولا يقف دور الوكالة عند توزيع المواد الغذائية، بل تقوم بعمليات التوظيف في الأراضي الفلسطينية، كما توفر التعليم والخدمات الطبية وغيرها.

حتمًا المخطط الصهيوني، هو نشر الجوع والفقر والدمار والأمراض والأوبئة في غزة، وما حولها، وصولاً إلى الهدف الرئيسي وهو تصفية القضية الفلسطينية، .. فإحذورا يا سادة من أفكار، ومخططات بني صهيون.
--------------------------
بقلم: محمود الحضري

مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | أفسحوا المجال للإبداع والإبتكار عربيًا